كي لا تتكدر فرحة العيد.. بالمفرقعات الطائشة
الإظهار المتحضر والصحي لفرحة الأعياد والمناسبات، وفي جانب استخدام الألعاب النارية بالذات، يجب أن يكون على مستوى المسؤولية من قبل الناس، وذلك حفاظاً على مشاعر وراحة الغير، الساكنين في المنازل المجاورة، ممن يكونون إما مرضى أو مرهقين بدنياً ونفسياً. وحفاظاً أيضاً على السلامة العامة من حوادث الإصابات في العيون والجلد وأجزاء الجسم الأخرى، ومن الحرائق وغيرها. مع ذلك كله تستمر تلك العشوائية التي يُبديها صغار السن أو المراهقون، في إهمال الكثير من الأمور الواجب أخذها بعين الاعتبار، حال شراء مفرقعات الألعاب النارية والعبث الصبياني في إطلاقها خلال أوقات راحة الناس وعلى الطرقات وبين المنازل. كما تستمر عشوائية من نوع آخر، تلك التي ينساق وراءها أهاليهم في ترك أطفالهم يمرحون عبثاً بإزعاج الغير وأذى أنفسهم والتسبب بالحوادث.
وفي كل مناسبة أو عيد يجري فيه استخدام المفرقعات الترفيهية، تكثر حوادث الإصابات. وهذا منتشر في كل أنحاء العالم. ولذا تصدر دائماً الإرشادات الطبية لتحذير الناس من عواقب الاستهتار الصبياني في استخدام تلك الألعاب النارية، ولضمان مرور فرحة المناسبات والأعياد دون أي آثار صحية مُحزنة.
الوقاية من الإصابات بالألعاب النارية والملاحظ بكل سرور، أن أحد الحلول العملية التي تتبناها بعض المدن لمشكلة العشوائية في إطلاق الألعاب النارية خلال مظاهر الفرح بالأعياد والمناسبات العامة، وتبعات ذلك من النواحي الصحية وغيرها، هو الإعلان عن وجود أماكن مخصصة تُجرى عليها عروض إطلاق الألعاب النارية في ليل تلك الأعياد أو المناسبات، بما يُمكن الناس وعائلاتهم وأطفالهم أن يتجمعوا فيها، كي يستمتعوا برؤية العروض المُبهجة في السماء. والمراجع الطبية في كافة بلاد العالم، المعنية بوضع إرشادات السلامة من الإصابات والحوادث والمعنية بإرشادات كيفية معالجة أي من تلك الإصابات والحوادث المحتملة، تنصح دوماً بأن يقتصر إطلاق الألعاب النارية على المتخصصين في التعامل السليم معها، ضمن فعاليات مظاهر أفراح الأعياد والمناسبات.
وتقول إدارة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية بالولايات المتحدة، ضمن نشراتها لعام 2008، ما نصه: الطريقة الأكثر أماناً في منع الإصابات الناجمة عن استخدام الألعاب النارية هي ترك القيام بهذه الأنشطة الترفيهية للمختصين، أي المتدربين على التعامل معها وإطلاقها. وسبق أن قالت الأكاديمية الأميركية لطب العيون في نُصحها الناس الراغبين في الاستمتاع بعروض الألعاب النارية الجميلة، بأن يتوجهوا إلى الميادين والأماكن العامة المخصصة لإطلاق العروض تحت إشراف الهيئات المحلية المختصة. وذلك للوقاية من أي إصابات قد تنجم عن إطلاقها. احصاءات المشكلة الصحية
* وإطلاق الألعاب النارية أصبح أحد أسباب المشاكل الصحية. وفي معرض إجابة إدارة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية بالولايات المتحدة، عن سؤال مفاده: ما هو حجم مشكلة إصابات حوادث الألعاب النارية؟، قالت عمّا يحصل في الولايات المتحدة، خاصة في احتفالات الرابع من يوليو السنوية: في عام 2006 تُوفي 11 شخصا وتمت معالجة حوالي 9200 شخص في أقسام الإسعاف في المستشفيات الأميركية، جراء إصابات حوادث إطلاق الألعاب النارية. وأن حوالي 5% من الحالات التي يتم حضورها لأقسام الإسعاف، تتطلب معالجتها الدخول إلى المستشفى لاستكمال المعالجة الطبية. أي أن حوالي 500 إنسان يتعرضون لإصابات تتطلب الدخول إلى المستشفى للمعالجة.
وتشير المصادر الطبية في الولايات المتحدة في معرض تعليقها على تلك الإحصاءات الرسمية، أن أضعاف هذا العدد من الإصابات يحصل، لكن لا يتجه المُصابون إلى المستشفيات لطلب المعالجة، نظراً لأن الإصابات تكون طفيفة أو يُمكن التعامل مع معالجتها منزلياً.
وفي عام 2004، رصدت الإدارة المذكورة حصول 2200 حريق لعربات أو ممتلكات نتيجة للألعاب النارية. وهو ما أدى إلى خسائر مادية مباشرة تجاوزت 21 مليون دولار. وتُعتبر هذه الحوادث في تلك السنة منخفضة نسبياً، ذلك أن العدد الإجمالي للحرائق الناجمة عن الألعاب النارية في ما بين عامي 2000 و 2004 بلغ 30 ألف حادثة حريق.
منْ الأكثر عُرضة للإصابات؟
* وتقول إدارة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية، أكثر من ثلثي حالات الإصابات الناجمة عن إطلاق الألعاب النارية التي تم رصد وقوعها عام 2006، حصلت بين 16 يونيو و 16 يوليو. في إشارة منها إلى مناسبة الرابع من يوليو السنوية. وهي المناسبة الوطنية في الولايات المتحدة التي يتم دائماً فيها إطلاق الألعاب النارية احتفالاً باليوم الوطني.
وخلال إصابات هذه الفترة، كان ثُلث المصابين من الأطفال الذين لم يتجاوزوا سن الخامسة عشرة من العمر. وحوالي 50% كانت بين الذين دون سن العشرين. وأن الأشخاص المشاركين فعلياً في إطلاق تلك المفرقعات والألعاب النارية كانت إصاباتهم أعلى من أولئك الأشخاص المتفرجين عليهم. وأن إصابات الذكور كانت ثلاثة أضعاف إصابات الإناث.
ولاحظت الإدارة أن إصابات اليدين، في ذلك الشهر فقط، شكلت حوالي 25% من مجمل إصابات الألعاب النارية طوال العام كله. وكذا الحال مع إصابات العيون، التي شكلت في ذلك الشهر نسبة 16% من الإصابات في ذلك العام. وشكلت أيضاً إصابات الوجه والرأس والأذنين، نسبة 15%. بمعنى أن إصابات الألعاب النارية خلال موسم العيد الأهم لإطلاق تلك المفرقعات، شكلت حوالي 56% من إصابات العام كله. وهو ما يعني أن في موسم العيد، وليس في أي وقت آخر، ترتفع بشكل كبير إصابات الألعاب النارية، وما يعني أيضاً أن إصابات اليدين، لا تزال الأعلى من بين جميع أنواع إصابات الألعاب النارية. وإصابات اليدين والعينين والوجه والرأس والأذنين، كلها مرتبطة بصفة مباشرة ووثيقة بعملية إشعال فتائل إطلاق الألعاب النارية.
وأضاف تقرير الإدارة أمراً آخر على درجة من الأهمية، وهو أن أكثر من نصف الإصابات، جراء إطلاق الألعاب النارية، كان من نوع الحروق. وهذه الحروق طالت كل أجزاء الجسم، ما عدا العينين والرأس. وفي إصابات العينين، كان حصول الرضوض contusions والتهتك lacerations ودخول الأجسام الغريبة foreign bodies هو الأعلى في نوعية الإصابة.
وأكدت الإدارة الطبية تلك ان الإصابة بالعمى وفقد قدرات الإبصار، والإصابة بالحروق من الدرجة الثالثة الأعمق فيها، والإصابة بندبات جلدية مُشوهة ودائمة لا تزول، هي من أهم الآثار الصحية لإصابات الألعاب النارية. كما أكدت على أن إطلاق الألعاب النارية يُمكن أن يتسبب في حرائق مُهددة لحياة الناس في المنازل والسيارات.
ولاحظت الإدارة، أن من بين أنواع الألعاب النارية، كانت المفرقعات Firecrackers ، أو ما تُسمى محلياً بـ«الطراطيع»، هي الأعلى في التسبب في الإصابات. تليها الألعاب التي تُطلق شرارات متواصلة sparklers ، أو ما تُسمى من قبل البعض «الماسة» أو «الفشاش». وتليهما الألعاب التي تُشبه الصواريخ rockets في انطلاقها إلى السماء، أو ما تُسمى بـ «السهم».
وتحديداً، أشارت إلى أن الألعاب التي تُطلق شرارات متواصلة تسببت في ثلث إصابات الأطفال ما دون سن خمس سنوات.
واللافت للنظر، أن ثلثي الإصابات التي تسببت في الوفيات فيما بين عام 2000 وعام 2005 كانت بسبب ألعاب نارية مسموح باستخدامها وبيعها.
لماذا وكيف تحصل إصابات الألعاب النارية؟
من مراجعة العديد من المصادر المعنية بالصحة والسلامة، يبدو أن ثمة ستة أسباب رئيسية لسهولة وارتفاع احتمالات الإصابة بحوادث الألعاب النارية، خاصة في مناسبات الأعياد والاحتفالات وهي:
• الإهمال وعدم المبالاة. وهو ما يقع عبؤه على عاتق الوالدين أو الأشخاص المرافقين للأطفال والمراهقين. وعادة ما تتوفر الألعاب النارية وتكون في متناول أيدي الأطفال والمراهقين بموافقة أهاليهم أو تسهيلهم لهم للحصول على المال اللازم لشراء أنواع منها. كما أن من النادر أن يتم التنبيه على الأطفال بألا يُمارسوا إطلاق الألعاب تلك إلا وفق إرشادات السلامة. والأهم، أنه من النادر أن يكون أحد مواضيع حديث الأسرة، خلال الأيام السابقة للعيد، حول احتمالات تسبب الألعاب النارية في حوادث ضارة. وهذه العوامل، متى ما تم الاهتمام الأسري بها، فإن الاحتمالات تقل وتتدنى في إقدام الأطفال أو المراهقين على إطلاق الألعاب النارية.
• توفر الألعاب النارية. وتشير إدارة السيطرة على الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة إلى أنه بالرغم من وجود القوانين الفيدرالية وتنوع منع الولايات، إلا أن أنواعاً متعددة من الألعاب النارية لا تزال تجد طريقها إلى الناس. وهي نفس المشكلة في مناطق عدة من العالم، حيث تُلزم الأنظمة بتقنين بيعها وتوزيعها ووصولها إلى أيدي الأطفال والمراهقين، في حين تجد كثيراً من الأطفال في أيام الأعياد يُطلقون الألعاب النارية! • نوعية الألعاب النارية. وأشارت الإدارة إلى أن هناك بعضا من أنواع الألعاب النارية المسموح ببيعها في بعض الولايات، إلا أنها بالرغم من ذلك تظل خطرة على الأطفال والمراهقين. وقالت بأن الأنواع الطائرة منها، أي كالسهم الصاروخي، يُمكنها أن تصل إلى أوجه وأجسام الناس، ما قد يتسبب في إصابات العيون أو أحد مناطق الجلد. والأنواع التي تُطلق الشرارات، يُمكنها أن تحرق الجلد والملابس بسهولة.
وذكّرت بأن درجة حرارة تلك الشرارات قد تفوق بمراحل درجة 600 درجة مئوية. كما أن المفرقعات، «الطراطيع»، من السهل أن تنفجر في اليدين أو الوجه إن كانت قريبة من الجسم. وهو ما يعني أنه لا تُوجد ألعاب نارية آمنة وخالية من احتمالات التسبب في أضرار على الجسم.
• القرب من الجسم. وتشير الإدارة إلى نتائج الدراسات الطبية التي حاولت التعرف الى أسباب الإصابات بحوادث الألعاب النارية، إلا أن غالبية الإصابات تحصل عند القرب من مكان إشعال إحدى تلك الألعاب. وذكّرت بأن انحناء الشخص للنظر في تلك المفرقعة الصغيرة، حال تأخر انفجارها أو حال الرغبة في رؤيتها عن قرب دونما مُبرر، قد يُعرض الطفل أو المراهق لاحتمالات الإصابة بها. • فقد القدرة على حركة التحكم. والأطفال بالذات لا يمتلكون تلك المهارات الحركية المتوفرة لدى البالغين. وغالباً ما يكونون بطيئين وغير دقيقين في الحركة البدنية. ولذا قد يُشعل الطفل إحدى الألعاب النارية ولا يتحرك مبتعداً عن مرمى ضررها بما يكفي وفي وقت قصير. وهو ما بالتالي يُعرض الطفل للضرر.