سقط مغشيا عليه !
قال أبو عبيد : حدثنا محمد بن كثير، عن مخلد بن حسين، عن هشام بن حسان قال: قيل لعائشة: " إن قومًا إذا سمعوا القرآن صعقوا فقالت: إن القرآن أكرم أن يُنْزَفَ عنه عقول الرجال، ولكنه كما قال الله عز وجل: { تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَليِنُ جُلُودُهُم وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكرِ اللهِ }(الزمر :23)
قلت: وفي معنى الآية الكريمة رد على من نسب ذهاب العقول والغشيان والسقوط للسلف عند سماعهم القرآن وإنما ذلك من صنيع أهل البدع – نسأل الله العافية-
قال ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : كان الصحابة رضي الله عنهم عند سماعهم كلام الله تعالى تقشعر جلودهم ثم تلين مع قلوبهم إلى ذكر الله، ولم يكونوا يتصارخون ولا يتكلفون ما ليس فيهم بل عندهم من الثبات والسكون والأدب والخشية مالا يلحقهم أحد في ذلك ولهذا فازوا بالمدح من الرب الأعلى في الدنيا والآخرة ... وتلا قتادة { تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَليِنُ جُلُودُهُم وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكرِ اللهِ }. قال :"هذا نعت أولياء الله، نعتهم الله عز وجل بأن تقشعر جلودهم وتبكي أعينهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم إنما هذا في أهل البدع، وهذا من الشيطان " وقال ابن عمر:" إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم ما كان هذا صنيع أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- . وسئل أنس بن مالك عن قوم يُقرأ عليهم القرآن فيصعقون، فقال: ذلك فعل الخوارج .(1)
------------------------------------
(1) تفسير الإمام أبي عبيد القاسم بن سلام (2/715) جمع ودراسة د. غزيل الدوسري .