فوائد الصلاة علي النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم
من الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة على النبي امتثال أمر الله سبحانه وتعالى، وهي من أعظم الفوائد لأن الله أمرنا بالصلاة عليه في قوله:
يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً
ومنها موافقته سبحانه في الصلاة على النبي وإن اختلفت الصلاتان لأن الله يصلي عليه حيث ذكر ذلك في قوله:
إن الله وملائكته يصلون على النبي
ومنها موافقة ملائكته الكرام عليهم الصلاة والسلام في الصلاة على النبي ، ومنها حصول عشر صلوات من الله على من صلى عليه مرة واحدة.
ومنها أنه يرجى إجابة الدعاء إذا قدم الصلاة على النبي قبل الدعاء، فهي ترفع الدعاء عند رب العالمين
ومنها أنها أي الصلاة على النبي سبب لشفاعته إذا قرنها بسؤال الوسيلة له أو أفردها
ومنها أنها سبب لغفران الذنوب
ومنها أنها سبب لكفاية الله العبد ما أهمه
ومنها أنها سبب لقرب العبد من النبي يوم القيامة
ومنها أنها تقوم مقام الصدقة لذى العسرة
ومنها أنها سبب لقضاء الحوائج
ومنها أنها سبب لصلاة الله تعالى على المصلي وصلاة ملائكته عليه
ومنها أنها زكاة للمصلي و تطهير له
ومنها أنها سبب لتبشير العبد بالجنة قبل موته
ومنها أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة
ومنها أنها سبب لرد النبي على المصلي
ومنها أنها سبب لتذكر العبد ما نسيه
ومنها أنها سبب لطيب المجلس وأن لا يعود حسرة على أهليه يوم القيامة
ومنها أنها سبب لنفي الفقر
ومنها أنها تنفي عن العبد اسم البخيل إذا صلى عليه عند ذكر اسمه
ومنها أنها ترمي صاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها
ومنها أنها تنجي من نتن المجلس الذي لايذكر فيه الله ورسوله ويحمد ويثنى عليه فيه ويصلى على رسوله
ومنها أنها سبب لتمام الكلام الذي ابتدأ بحمد الله والصلاة على رسوله
ومنها أنها سبب لوفور نور العبد على الصراط
ومنها أنها تخرج بها العبد عن الجفاء
ومنها أنها سبب لإبقاء الله سبحانه الثناء الحسن للمصلي عليه بين أهل السماء والأرض
لأن المصلي طالب من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل، فلابد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك
ومنها أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه لأن المصلي داع ربه أن يبارك عليه وعلى آله صلى الله عليه وسلم
وهذا الدعاء مستجاب، والجزاء من جنسه
ومنها أنها سبب لنيل رحمة الله له لأن الرحمة إما بمعنى الصلاة كما قال طائفة وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح، فلابد للمصلي عليه من رحمة تناله
ومنها أنها سبب لمحبته للرسول وزيادتها وتضاعفها، وذلك عقد من عقود الإيمان الذي لايتم إلا به، لأن العبد كلما أكثر من ذكر المحبوب واستحضاره في قلبه واستحضار محاسنه ومعانيه الجالبة لحبه تضاعف حبه له وتزايد شوقه إليه واستولى على جميع قلبه، وإذا أعرض عن ذكره وإحضاره وإحضار محاسنه في قلبه نقص حبه من قلبه، ولاشيء أقر لعين المحب من رؤية محبوبه، ولا أقر لقلبه من ذكره واستحضار محاسنه، فإذا قوي هذا في قلبه جرى على لسانه بمدحه والثناء عليه وذكر محاسنه وتكون زيادة ذلك ونقصانه بحسب زيادة الحب ونقصانه في قلبه، والحس شاهد بذلك
ومنها أن الصلاة عليه سبب بمحبته لهذا العبد المصلي فإنها إذا كانت سبباً لزيادة المحبة المصلي عليه فكذلك هما سبب لمحبته هو للمصلي عليه
ومنها أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه فإنه كلما أكثر الصلاة عليه وذكره استولت محبته على قلبه حتى لايبقى في قلبه معارض لشيء من أوامره، ولاشك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوباً مستوراً في قلبه ولازال يقرأه على تعاقب أحواله ويقتبس الهدى والصلاح وأنواع العلوم منه، وكلما ازداد في ذلك بصيرة وقوة معرفة ازدادت صلاته عليه
ومنها أنها سبب لعرض اسم المصلي عليه وذكره عنده
ومنها أنها سبب لتثبيت القدم على الصراط والجواز عليه لحديث عبدالرحمن بن سمرة الذي رواه عنه سعيد بن المسيب في رؤيا النبي وفيه: ((رأيت رجلاً من أمتي يزحف على الصراط ويحبو أحياناً ويتعلق أحياناً فجاءته صلاته علي فأقامته على قدميه وأنقذته)).
إن الصلاة عليه أداء لأقل القليل من حقه مع أن الذي يستحقه لايحصى علماً ولاقدراً ولا إرادة ولكن الله سبحانه لكرمه رضي من عباده باليسير من شكره وأداء حقه
ومنها أنها أي الصلاة على النبي متضمنة لذكر الله تعالى وشكره ومعرفة إنعامه على عبيده وإرساله، فالمصلي عليه قد تضمنت صلاته عليه ذكر الله وذكر رسوله وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله كما عرفنا ربنا وأسماءه وصفاته وهدانا إلى طريقه ومرضاته وعرفنا مالنا بعد الوصول إليه والقدوم عليه، فهي متضمنة لكل الإيمان بل هي متضمنة بالإقرار بوجوب الرب المدعو وعلمه وسمعه وقدرته وإرادته وحياته وكلامه وإرسال رسوله وتصديقه في أخباره كلها وكمال محبته، ولا ريب أن هذه هي أصول الإيمان، فالصلاة عليه متضمنة لعلم العبد ذلك وتصديقه به ومحبته له، فكانت من أفضل الأعمال
ومنها أن الصلاة عليه من العبد هي دعاء، ودعاء العبد وسؤاله ربه نوعان أحدهما:
سؤاله حوائجه ومهماته وما ينوبه في الليل والنهار، فهذا دعاء وسؤال وإيثار ذكره ورفعه، ولا ريب أن الله تعالى يحب ذلك ورسوله يحبه، فالمصلى عليه قد صرفه سؤاله ورغبته وطلبه إلى محاب الله ورسوله وآثر ذلك على طلبه حوائجه ومحابه هو، بل كان هذا المطلوب من أحب الأمور إليه وآثرها عنده، فقد آثر ما يحبه الله ورسوله على مايحبه هو فقد آثر الله ومحابه على ما سواه والجزاء من جنس العمل، فمن آثر الله على غيره آثره الله على غيره.
انتهى كلامه رحمه الله،
تلكم بعض الفوائد والثمرات الحاصلة من الصلاة على النبي فلنهب إلى هذا الفضل العظيم ولنسعَ في تحصيله فهو خير لنا عند ربنا
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : لَقِيَنِي كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ فَقَالَ : أَلا أُهْدِي لَكَ هَدِيَّةً ؟ إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَيْنَا , فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ : فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ ؟ فَقَالَ : قُولُوا : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ . اللهم بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ , كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آل إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ .
كنز عظيم من كنوز الخيرات وباب واسع من أبواب المبرات طالما غفل عنه المشمرون وتهاون به الجفاة البخيلون بل ربما وصل الحال بكثير من المقتصدين بل ومن السابقين إلى التقصير فيه، حتى سبقهم فيه الظالمون أنفسهم بالمعاصي والسيئات ثم تمسك كل فريق بما يجب أن يكون عليه الآخر وبدا بينهم العداوة والبغضاء والتنابز بالألقاب والأفعال وربما وصل الحال ببعض أهل الصلاح والتقى إلى الإزراء ببعض ما عليه أهل المعاصي والتقصير من أهل الطاعة والقرب في هذه الباب، وما دروا أنه ثابت عنه ، ووصل الحال ببعض أهل التقصير والصدود إلى نبذ الصالحين بالجفاء وقسوة القلب، وما ذاك إلا بسبب نسيان كل من الفريقين حظاً مما ذكروا به فأغريت بينهم العداوة والبغضاء ولو رجع كل إلى الصحيح الثابت فعمل به وترك ما سواه لالتقى الفريقان في هذا الباب ولوضعت حربهم أوزارها وخبى من نارهم أوارها تلكم القربة يا عباد الله هي الصلاة على النبي فكم فيها من فضائل وكم عنى بشأنها السابقون الأوائل فلله درها كم صح فيها من أخبار، ولله درها كم افترى فيها على النبي المختار، وما بنا من حاجة إلى الافتراء وحسبنا ما صح عن خير الورى.
فقد صح عنه فيها من الأخبار ما هو حري بأن يحفز كل ذي قلب حي إلى المسارعة في هذا الباب ليحظى عند الله بحسن الثواب والله عنده حسن الثواب.
إذا أردت أن يصلي الله عليك عشر صلوات فصلي على النبي واحدة صح عنه قوله: ((من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً)) [رواه مسلم]. إذا أردت أن يصلي الله عليك وملائكته سبعين صلاة فصلي على النبي عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما: ((من صلى على رسول الله صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة، فليقل من ذلك أو يكثر)) [رواه أحمد]. إذا أردت أن تصلي عليك الملائكة فأدم الصلاة على النبي .
صح عنه : ((ما من عبد يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة مادام يصلي علي فليقلِ العبد من ذلك أو يكثر)). إذا أردت أن تكتب لك عشر حسنات وتمحى عنك عشر سيئات وترفع عشر درجات وأن يصلي الله عليك عشراً فصلِ على النبي صح عنه : ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات)) [رواه أحمد والنسائي]. وفي رواية: ((كتب الله له بها عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها)).
إذا أردت أن يكفى همك ويغفر لك ذنبك فصلي على النبي .
صح عن أبيّ أنه قال للنبي : ((إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي قال ما شئت، قال قلت: الربع، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير، قال قلت: الثلث، قال: ما شئت فما زدت فهو خير، قال قلت: النصف قال: ما شئت فما زدت خير لك، قال قلت: الثلثين، قال: ما شئت فما زدت خير لك، قال قلت: النصف قال: ما شئت فما زدت خير لك قال قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: إذاً تكفى همك ويغفر لك ذنبك)) [رواه الترمذي والحاكم].
الصلاة على النبي سبب لنيل شفاعته يوم القيامة صح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة)).
وصحّ عنه : ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجوا أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) [رواه مسلم]. والصلاة على النبي سبب لعرض اسم المصلي على النبي صح عن النبي أنه قال: ((أكثروا من الصلاة علي، فإن الله وكل لي ملك عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال الملك: يا محمد إن فلان ابن فلان صلى عليك الساعة)).
وصح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((إن لله تعالى ملكاً أعطاه سمع العباد فليس من أحد يصلي على إلا أبلغنيها وإني سألت ربي ألا يصلي علي عبد صلاة إلا صلى عليه عشر أمثالها)) وصح عنه : ((إن لله تعالى ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام)) [رواه أحمد والنسائي وغيرها].
والصلاة على النبي طهرة من لغو المجالس صح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله وصلاة على النبي إلا قاموا عن أنتن من جيفة))، وصح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ولو يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة - والترة هي النقص والتبعة والحسرة - فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)) وفي رواية: ((ما قعد قوم مقعداً لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب)).
تلكم يا عباد الله بعض ما ورد في فضل الصلاة عليه فهل من مدكر، وذلكم الفضل فاستبقوا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً.
نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
قد سمعنا شيئا مما ورد في فضل الصلاة عليه صلوات الله وسلامه عليه، والتزمنا أن لا نورد إلا ما ثبت نقله عن النبي واجتنبنا الضعيف والموضوع، ففي الصحيح الثابت غنية عنها، وفي هذا الباب صح عنه أنه قال: ((كل دعاء محجوب حتى يصلي على النبي )) لما صح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((البخيل من ذكرت عنده فلم يصلي علي)) [رواه النسائي والترمذي والحاكم وغيرهم].
وصح عنه : ((إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصلِ علي)) وثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((من نسى الصلاة علي خطئ طريق الجنة)) أي من ترك علي الصلاة عمداً، وصح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((من ذكرت عنده فلم يصلي علي فقد خطئ طريق الجنة)) ذلكم يا عباد الله بعض ما ورد في فضل الصلاة على نبيكم نبي الرحمة والهدى، ولعلنا في خطب قادمة إن شاء الله نبين الصيغ الثابتة عنه ، فنبين صيغ عليه والسلام ومواطنها المشروعة التي وردت الأحاديث باستحباب الصلاة عليه فيها والأوقات المستحبة لها ثم نختم بذكر الفوائد والثمرات الحاصلة بالصلاة عليه .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً اللهم صلِ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم صلِ وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، سبحانك ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
بتصرف يسير