العلم من أعظم الأمور التي شرف الله تعالى بها بني آدم وأكرمهم بها، فالعلم النافع من أحسن ما يحصله المسلم في دينه ودنياه؛ لأن بالعلم صلاح الدين والدنيا معًا، وقد عظم الله تعالى شأن العلماء العالمين بشرعه فقال جل وعلا: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ}. وقال تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}. وقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}. وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.
وهذا الذي أريد في الآيات الكريمات هو العلم بالشرع وبأحكام الله تعالى وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن العلم بهذا الاعتبار ينقسم إلى قسمين علم واجب أو مستحب، وهو العلم الشرعي، وعلمٌ مباح وهو العلم الدنيوي كالعلم بالصناعات والحرف كالطب والهندسة والذرة وغيرها من العلوم النافعة، وهذا القسم الأخير أيضًا منه ما هو واجب على الأمة على جهة الكفاية؛ أي أنه يجب على الأمة الإسلامية تحصيل العلوم الدنيوية التي يكون بها قوامها ومصلحتها، فيجب على المسلمين أن يحصلوا من العلوم الدنيوية النافعة ما تقوم به مصلحتهم وأمور دنياهم.
والعلم أيضًا ينقسم إلى قسمين باعتبار آخر: فهو إما علمٌ نافع فيشمل العلوم الدينية والعلوم الدنيوية المفيدة، وعلمٌ ضار كتعلم الأمور التي تلحق الضرر بالإنسان، ومن هذا تعلم السحر وتعلم صناعة الأمور التي حرمها الله تعالى كتعلم صنع الخمر وتراكيب المخدرات والسموم التي يراد بها ضُر الإنسان بغير وجه حق، وهذا من العلم الضار الذي ذمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ كما قال تعالى: {وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ}؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الله العلم النافع ويستعيذ به من العلم الذي لا ينفع؛ فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملاً متقبلاً).
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو فيقول: (اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع ومن دعوة لا يستجاب لها). وفي التنزيل: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً}.
فهذا هو التفصيل في العلوم وأقسامها، وهنالك تقاسيم أخرى لم نرد أن نطول بها عليك.
إذا ثبت هذا فإن العلم الشرعي هو أجل العلوم وأكملها وأعظمها لأن شرف العلم بحسب شرف المعلوم، هذا مع ما أشرنا إليه من وجوب تحصيل العلوم الدنيوية النافعة وعدم إغفالها وإهمالها، بل لا بد من تحصيل قدر الكفاية منها.
وأما تعريف العلم على وجه العلوم فهو معرفة المعلوم على صفته الصحيحية وربما قال بعضهم: معرفة المعلوم على ما هو به، والعبارتان معناهما واحد.
وأما عن كيفية التعلم وتحصيل أسبابه فهذا موضوع يحتاج لبسط، وهو أيضًا ليس مورد سؤالك الكريم، فإن احتجت إلى شيء من هذا المعنى فاكتب إلى الشبكة الإسلامية لتجد الجواب حاضرًا بإذن الله تعالى.
ونسأل الله عز وجل أن يرزقك علمًا نافعًا ورزقًا طيبًا وعملاً متقبلاً.
وبالله التوفيق.